حكاية الملك والبستاني
+3
Hisham
فارس الغرام
دكتور-و
7 مشترك
- دكتور-و
- احترام القوانين :
احترام الردود :
عدد المساهمات : 2
تاريخ التسجيل : 05/08/2011
حكاية الملك والبستاني
الأحد أغسطس 14, 2011 4:11 am
--------------------------------------------------------------------------------
هذه ترجمة لقصيدة كردية من ديوان ( اسماعيل نامه) ترجمها الاستاذ الاديب عابدين رشيد ( بتصرف ) أقدمها اليكم لما تنطوي من عبر وحكم .
(( يقولون - في قصة رمزية مشــهورة ذات عبرة وحكمة - : أنه كان في سـالف الأيام والأوان ، « ملِك » عادل رحيم. وكان لهذا الملِك رجل بستانيّ محب مخلص ؛ فكان من عادته أنه كلما تفتحت ورود جديدة هرع هذا البســتانيّ وعمل منها باقة جميلة أنيقة وقدّمها بين يدَي الملِك المعظّم ليفرح بها ويبتهج بمرآها وكان هذا بدوره يدفع له قدراً من المال مكافأةً له لحسن عمله وذوقه .
ففي يوم من الأيام – وقد أقبل الربيع – ذهب إلى البستان ليقطف بعض الورود ليصنع منها إضمامة بديعة للملِك . ولكنه – يا للمفاجأة ! – رأى الورود لم تتفتح بعد فهي لا تزال براعم فتيّة ، مما اضطر البستانيّ أن ينتظر بعض الوقت حتى تتفتح فيأتي بالورود الباسمة الشذية الندية ويقدمها إلى الملِك كأجمل هدية من هدايا البستان في الربيع ، إلا أنه – وا أسفاه – ما أن تفتحت الورود وفاحت رائحتها الزكية الطيبة في أرجاء البستان وحملتها ريح الصَّبا وأدنتها من أنف البلبل حتى جنّ جنونه فجاء طائراً وقطّع أوراقها بمنقاره الصغير الحاد فتساقطت الأوراق على الأرض متمرغة في التراب وعندها أخذ البلبل المجنون المذهول يصيح ويولول .
ولمّا جاء البستاني ورأى ما حصل بالورود الجميلة من تناثر أوراقها هنا وهناك طار عقله وفقد اتزانه وقال بأسف عميق : هذا الفعل فعل البلبل ؛ فالبلبل وحده عاشق الورود ! .
واشتطَّ غضباً وثار ثم قال : قَسَماً لأذبحن البلبل بالســكين بلا رحمة ، ثم مضى نحو بلاط الملِك ليبلغه بهذا الخبر بحزن وانكسـاف، فقال له الملِك : لا تحزن يا هذا . إن البلبل المجنون ســيلاقي جزاءه إن عاجـلاً أو آجـــلاً.
وكان للبسـتاني ابن بكر كبير فقال له متوسـلاً : امض يا بنيّ واقبض بأي شكل من الأشكال على ذلك البلبل حتى أقطع رأسه قطعاً كما قطع رؤوس تلك الورود اللطيفة فأرتاح ويزول همّي وغمّي .
ومضى ابن البسـتاني ونصب للبلبل في البستان شراكاً جيداً فعّالاً فاصطاده وقتله شرّ قتلة. فأسرع البستاني ليزف بشرى مقتل البلبل إلى الملِك قائلاً – بشماتة - : أيها الملِك المفدّى لقد هلك البلبل ونال جزاءه ، فرد عليه الملِك قائلاً : مهلاً .. فسيلاقي ابنك عقابه على فعلته !
ولم تمضي أيام ، وبينما كان ابن البسـتاني نائماً مسـتريحاً تحت ظل شجرة في البســتان ، جاءته حيّة رقطاء مسمومة فلدغته ، فمات في الحال ، فجاء البستاني المفجوع مهرولاً يصرخ باكياً ، وأخبر الملِك بمصابه الأليم ، فقال الملِك معزيّاً ومواسـياً إيّاه : أيها الرجل اللبيب اصبر واطمئن فإن الحيّة كذلك سـتلاقي مصيرها المحتوم وتنال عقابها العادل .
مرّت الأيام تلو الأيام ، وذات يوم والبستاني المجروح القلب يسقي البستان كعادته في رابعة النهار ، وقع بصره فجأةً على الحيّة القاتلة وهي تسعى ، فرفع مسحاته القوية الثقيلة وأهوى بها عليها بضربة قاضية كالصاعقة فمزّق الحيّة إرباً إربا وعندها تنفس البستاني الصعداء وزال عنه بعض همومه .
ثم ذهب وامتثل أمام حضرة الملِك وقال : أيها الملِك المبجّل ألاَ شكراً لله فلقد قتلتُ الحيّة الرقطاء القاتلة بيديّ .
فقال الملِك معقباً على كلام البستاني : اعلم أيها البستاني إن الله سيأخذ حق تلك الحيّة وستلاقي أنت أيضاً جزاءك بكل تأكيد ؛ فالله يمهل ولا يهمل بل ثق وآمن فهو يأخذ لكل ذي حق حقه ، فكل مَن يعمل صالحاً يلقَ صلاحاً وكل مَن يعمل سوءاً يلقَ سوءاً مثله .
دارت الأيام وكان أن خرجت زوجة الملِك مع وصيفاتها الشابات الحسناوات يوماً يَسبحن في مسبح القصر في خلَواتهن وهن كأنهن حور الجِنان . فصادف أن وجد البستاني فرصة سانحة مواتية ينظر إليهن ويتمتع بمنظرهن كما يحلو له وقد أزلّه الشيطان وهو يختبأ فوق شجرة قريبة من حوض السباحة ، فما لبثن أن رأينه فهرعن راكضات ساخطات مذعورات إلى خدرهن ، ثم انطلقن يخبرن الملِك الغيور بأمر البستاني الوقح وقد تجاوز حدّه وأدبه بنظره الحرام إلى أعراض الناس ، فأرسل عليه الملِك بعض جنده الغلاظ فقبضوا على البستاني متلبساً بفعلته الشنعاء وأحضروه مقيّداً ذليلاً مُهاناً أمام الملِك الغضب المستنكر ، فأراد أن يعاقبه عقاباً شديداً على ما اقترفته نفسه الأمّارة بالسوء ليجعله عبرة للناس ، إلاّ أنه سرعان ما هدأ وعاد إلى حلمه الكبير .
وهنا انكشف الخوف وزال عن قلب البستاني شيئاً كثيراً فأخذ يعرض ويبسط للملِك رأيه بصدق وصراحة كأي ناصح أمين فقال : فداك نفسي يا ملِك العالم أرجوك وألتمس إليك بل وأطلب منك بكل خجل وذُل أن تطلق سراحي وأن تعفو عني حتى تأمن وتسلم ، فلا يصيبك ما أصابني من عدالة القدر فتكون مثلي – لا سمح الله – عرضة للقصاص المحتوم. ألم ترَ كيف لاقى كلٌّ من البلبل والحيّة وولدي حتوفهم وأخذ كلٌّ جزاءه الأوفى في العقاب كما كنت تقول أنت وتتوقع في كل مرة . فإذا قتلتني أيها الملِك الكريم خفتُ عليك أن ينتقم الله منك كذلك بذاك العقاب ؛ واعمل إذن صالحاً ما استطعت وكن لطيفاً سموحاً طيّب القلب طاهر اليدين تسعد وتفلح إن شاء الله والعاقبة دائماً للمتقين المحسنين .
عندها عفا عنه الملِك الناظر بعيداً إلى عواقب الأمور بعقل وبصيرة ، وأطلق سراحه مقتنعاً بنصيحته الخالصة لوجه الله ولِمَا أظهره من حب صادق لملِكه المحبوب، وليضرب مثلاً طيباً وقدوة حسنة لمن يأتي من بعده من الملوك الحكماء)) .
هذه ترجمة لقصيدة كردية من ديوان ( اسماعيل نامه) ترجمها الاستاذ الاديب عابدين رشيد ( بتصرف ) أقدمها اليكم لما تنطوي من عبر وحكم .
(( يقولون - في قصة رمزية مشــهورة ذات عبرة وحكمة - : أنه كان في سـالف الأيام والأوان ، « ملِك » عادل رحيم. وكان لهذا الملِك رجل بستانيّ محب مخلص ؛ فكان من عادته أنه كلما تفتحت ورود جديدة هرع هذا البســتانيّ وعمل منها باقة جميلة أنيقة وقدّمها بين يدَي الملِك المعظّم ليفرح بها ويبتهج بمرآها وكان هذا بدوره يدفع له قدراً من المال مكافأةً له لحسن عمله وذوقه .
ففي يوم من الأيام – وقد أقبل الربيع – ذهب إلى البستان ليقطف بعض الورود ليصنع منها إضمامة بديعة للملِك . ولكنه – يا للمفاجأة ! – رأى الورود لم تتفتح بعد فهي لا تزال براعم فتيّة ، مما اضطر البستانيّ أن ينتظر بعض الوقت حتى تتفتح فيأتي بالورود الباسمة الشذية الندية ويقدمها إلى الملِك كأجمل هدية من هدايا البستان في الربيع ، إلا أنه – وا أسفاه – ما أن تفتحت الورود وفاحت رائحتها الزكية الطيبة في أرجاء البستان وحملتها ريح الصَّبا وأدنتها من أنف البلبل حتى جنّ جنونه فجاء طائراً وقطّع أوراقها بمنقاره الصغير الحاد فتساقطت الأوراق على الأرض متمرغة في التراب وعندها أخذ البلبل المجنون المذهول يصيح ويولول .
ولمّا جاء البستاني ورأى ما حصل بالورود الجميلة من تناثر أوراقها هنا وهناك طار عقله وفقد اتزانه وقال بأسف عميق : هذا الفعل فعل البلبل ؛ فالبلبل وحده عاشق الورود ! .
واشتطَّ غضباً وثار ثم قال : قَسَماً لأذبحن البلبل بالســكين بلا رحمة ، ثم مضى نحو بلاط الملِك ليبلغه بهذا الخبر بحزن وانكسـاف، فقال له الملِك : لا تحزن يا هذا . إن البلبل المجنون ســيلاقي جزاءه إن عاجـلاً أو آجـــلاً.
وكان للبسـتاني ابن بكر كبير فقال له متوسـلاً : امض يا بنيّ واقبض بأي شكل من الأشكال على ذلك البلبل حتى أقطع رأسه قطعاً كما قطع رؤوس تلك الورود اللطيفة فأرتاح ويزول همّي وغمّي .
ومضى ابن البسـتاني ونصب للبلبل في البستان شراكاً جيداً فعّالاً فاصطاده وقتله شرّ قتلة. فأسرع البستاني ليزف بشرى مقتل البلبل إلى الملِك قائلاً – بشماتة - : أيها الملِك المفدّى لقد هلك البلبل ونال جزاءه ، فرد عليه الملِك قائلاً : مهلاً .. فسيلاقي ابنك عقابه على فعلته !
ولم تمضي أيام ، وبينما كان ابن البسـتاني نائماً مسـتريحاً تحت ظل شجرة في البســتان ، جاءته حيّة رقطاء مسمومة فلدغته ، فمات في الحال ، فجاء البستاني المفجوع مهرولاً يصرخ باكياً ، وأخبر الملِك بمصابه الأليم ، فقال الملِك معزيّاً ومواسـياً إيّاه : أيها الرجل اللبيب اصبر واطمئن فإن الحيّة كذلك سـتلاقي مصيرها المحتوم وتنال عقابها العادل .
مرّت الأيام تلو الأيام ، وذات يوم والبستاني المجروح القلب يسقي البستان كعادته في رابعة النهار ، وقع بصره فجأةً على الحيّة القاتلة وهي تسعى ، فرفع مسحاته القوية الثقيلة وأهوى بها عليها بضربة قاضية كالصاعقة فمزّق الحيّة إرباً إربا وعندها تنفس البستاني الصعداء وزال عنه بعض همومه .
ثم ذهب وامتثل أمام حضرة الملِك وقال : أيها الملِك المبجّل ألاَ شكراً لله فلقد قتلتُ الحيّة الرقطاء القاتلة بيديّ .
فقال الملِك معقباً على كلام البستاني : اعلم أيها البستاني إن الله سيأخذ حق تلك الحيّة وستلاقي أنت أيضاً جزاءك بكل تأكيد ؛ فالله يمهل ولا يهمل بل ثق وآمن فهو يأخذ لكل ذي حق حقه ، فكل مَن يعمل صالحاً يلقَ صلاحاً وكل مَن يعمل سوءاً يلقَ سوءاً مثله .
دارت الأيام وكان أن خرجت زوجة الملِك مع وصيفاتها الشابات الحسناوات يوماً يَسبحن في مسبح القصر في خلَواتهن وهن كأنهن حور الجِنان . فصادف أن وجد البستاني فرصة سانحة مواتية ينظر إليهن ويتمتع بمنظرهن كما يحلو له وقد أزلّه الشيطان وهو يختبأ فوق شجرة قريبة من حوض السباحة ، فما لبثن أن رأينه فهرعن راكضات ساخطات مذعورات إلى خدرهن ، ثم انطلقن يخبرن الملِك الغيور بأمر البستاني الوقح وقد تجاوز حدّه وأدبه بنظره الحرام إلى أعراض الناس ، فأرسل عليه الملِك بعض جنده الغلاظ فقبضوا على البستاني متلبساً بفعلته الشنعاء وأحضروه مقيّداً ذليلاً مُهاناً أمام الملِك الغضب المستنكر ، فأراد أن يعاقبه عقاباً شديداً على ما اقترفته نفسه الأمّارة بالسوء ليجعله عبرة للناس ، إلاّ أنه سرعان ما هدأ وعاد إلى حلمه الكبير .
وهنا انكشف الخوف وزال عن قلب البستاني شيئاً كثيراً فأخذ يعرض ويبسط للملِك رأيه بصدق وصراحة كأي ناصح أمين فقال : فداك نفسي يا ملِك العالم أرجوك وألتمس إليك بل وأطلب منك بكل خجل وذُل أن تطلق سراحي وأن تعفو عني حتى تأمن وتسلم ، فلا يصيبك ما أصابني من عدالة القدر فتكون مثلي – لا سمح الله – عرضة للقصاص المحتوم. ألم ترَ كيف لاقى كلٌّ من البلبل والحيّة وولدي حتوفهم وأخذ كلٌّ جزاءه الأوفى في العقاب كما كنت تقول أنت وتتوقع في كل مرة . فإذا قتلتني أيها الملِك الكريم خفتُ عليك أن ينتقم الله منك كذلك بذاك العقاب ؛ واعمل إذن صالحاً ما استطعت وكن لطيفاً سموحاً طيّب القلب طاهر اليدين تسعد وتفلح إن شاء الله والعاقبة دائماً للمتقين المحسنين .
عندها عفا عنه الملِك الناظر بعيداً إلى عواقب الأمور بعقل وبصيرة ، وأطلق سراحه مقتنعاً بنصيحته الخالصة لوجه الله ولِمَا أظهره من حب صادق لملِكه المحبوب، وليضرب مثلاً طيباً وقدوة حسنة لمن يأتي من بعده من الملوك الحكماء)) .
- فارس الغرامافضل عضو ماسي في المنتدى (2)
- احترام القوانين :
احترام الردود :
عدد المساهمات : 237
تاريخ التسجيل : 06/01/2011
رد: حكاية الملك والبستاني
الأحد أغسطس 14, 2011 4:20 am
دكتور _و
تسلم ياغالي عالقصة الرائعة المليئة بالحكم
دمت بهذا التالق والابداعوبانتظار الجديد منك
تسلم ياغالي عالقصة الرائعة المليئة بالحكم
دمت بهذا التالق والابداعوبانتظار الجديد منك
رد: حكاية الملك والبستاني
الأحد أغسطس 14, 2011 6:38 am
دكتور _و
عاشت الايادي عالاختيار الموفق
قصة مليئة بالحكم والمواعظ ودروس الحياة
سلمت اناملك
وبانتظار كل جديد مك
عاشت الايادي عالاختيار الموفق
قصة مليئة بالحكم والمواعظ ودروس الحياة
سلمت اناملك
وبانتظار كل جديد مك
- zahraaنجم المنتدى (7)
- احترام القوانين :
احترام الردود :
عدد المساهمات : 700
تاريخ التسجيل : 23/06/2011
العمل/الترفيه : طالبة
جيد والحمدلله
رد: حكاية الملك والبستاني
الأحد أغسطس 14, 2011 10:56 am
قصة رائعة
شكرا
- tuzlu89نجم المنتدى (9)
- احترام القوانين :
احترام الردود :
عدد المساهمات : 1034
تاريخ التسجيل : 05/03/2011
العمر : 35
الموقع : طوزخورماتو
العمل/الترفيه : مساح
رد: حكاية الملك والبستاني
الأحد أغسطس 14, 2011 1:19 pm
عاشت الايادي
- happy-heartمدير الموقع
- احترام القوانين :
احترام الردود :
هدايا المنتدى :
عدد المساهمات : 803
تاريخ التسجيل : 28/07/2011
العمر : 34
الموقع : كركوك
العمل/الترفيه : م.الكترونيك والسيطره
جيد
رد: حكاية الملك والبستاني
الأحد أغسطس 14, 2011 3:08 pm
شكرا عالموضوع والحكم الرائعه
تقبل مروري
تقبل مروري
- MerOمنافس جميع الاعضاء من المرتبه (10)
- احترام القوانين :
احترام الردود :
عدد المساهمات : 2332
تاريخ التسجيل : 17/03/2011
العمر : 33
الموقع : ابنص قلب حبيبتي
العمل/الترفيه : طالب جامعي
عايش في بحر الهوى
رد: حكاية الملك والبستاني
الأحد أغسطس 14, 2011 9:08 pm
سلمت يدااااااااااااااااااااااك
قصه روووووعه ولو طويله بس جدااااااااا حلووووه
شكرااااا عالمجهود الطيب
قصه روووووعه ولو طويله بس جدااااااااا حلووووه
شكرااااا عالمجهود الطيب
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى